بسم الله الرحمن الرحيم
تترقب مصر إنشاء اكبر صرح تعليمي في الشرق الأوسط، انبثق الاتفاق حوله خلال زيارة الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم، مؤخرًا، إلى دولة فنلندا ، ننقل لكم باقي التفاصيل من جريدة الأهرام على موقع أكاديمية كتاتيب مصر تابعو معنا هذا المقال.
وزارة التعليم: تجهيز صرح تعليمي ضخم يضم أكثر من 150 تخصص
ولدى فنلندا صرح تعليمي ضخم، يضم أكثر من 150 تخصصًا في التعليم الفني، حيث يدرس الطلاب ويتدربون في نفس المكان، حتى إن تخصص رصف الطرق موجود داخل هذا الصرح العملاق، ويقوم الطالب خلال فترة دراسته على تعلم المنهج، والتدريب عليه في نفس الوقت والمكان، ويحدث ذلك في جميع التخصصات الفنية.
وداخل هذا الصرح، جامعة تكنولوجية فنية ضخمة، يلتحق بها الطالب عندما يتخرج من هذا الصرح التعليمي الفني، الذي يعادل في مصر (المدارس الفنية).
وقال الدكتور طارق شوقي وزير التعليم لـ “بوابة الأهرام”، إنه تم الاتفاق مع الجانب الفنلندي لإنشاء نسخة طبق الأصل من هذا الصرح، في مصر، لأول مرة في تاريخها، كبداية لوضع التعليم الفني في المكانة التي يستحقها.
وحسب الاتفاق بين الجانبين، فإن فنلندا سوف تساعد مصر في تأهيل المعلمين، وإعدادهم لوظائف المستقبل، التي سيتم إدراجها في التعليم الفني، من خلال هذا الصرح العملاق.
الأكثر من ذلك، أن فنلندا سوف تكون جهة الاعتماد بالنسبة للشهادة المصرية، كمدخل للاعتراف الأوروبي بها، وهذا يحدث للمرة الأولى في تاريخ مصر، أن تقوم دولة مصنفة الأولى عالميا باعتماد الشهادة المصرية، بشكل يؤكد ثقة هذه الدولة، ومؤسساتها الحكومية، فيما تقوم به مصر من تطوير للتعليم.
وتهدف وزارة التعليم، من بناء هذا الصرح التعليمي، وإضافة تخصصات تعليمية مستقبلية فنية، لأن يكون الأطفال الملتحقين حاليا بالمرحلة الابتدائي، عندما يصلون إلى المرحلة الثانوية، على دراية كاملة بالوظائف المستقبلية.
وتقوم فنلندا بذلك فعلا. فهناك التعليم الفني يستقطب 60% من الطلاب، مقابل 40% للتعليم العام، ولأنها دولة قائمة على الاستثمار في التعليم فقط، وليست لديها موارد أخرى كثيرة، فإنها نجحت من خلال التعليم الفني، والتخصصات المعاصرة، أن يكون التعليم مصدر قوتها وأساس دعم اقتصادها، لأنها في النهاية لديها قدرات بشرية هائلة وعقول ومخترعين ليسوا موجودين في دول أخرى، وعلى هذا الأساس تتحرك وزارة التعليم في مصر.
ولدى فنلندا، تخصصات فنية غاية في الدقة، فمثلا، ليس هناك ميكانيكي سيارات في المطلق، بل لكل قطعة بالسيارة متخصص فني لها، وهو سر نجاحها، وترغب وزارة التعليم في تطبيق نفس الفكرة تقريبا في التعليم الفني الحديث، الذي نجحت الوزارة في تغيير مناهجه إلى جدارات مهنية بنسبة تجاوزت 75%، ونسفت كل التخصصات القديمة التي عفا عليها الزمن.
ووفق وزير التعليم الدكتور طارق شوقي، فإن هناك تطابق في بعض السياسات بين مصر وفنلندا، وهذا في حد ذاته شيء عظيم للغاية. فنحن نسير في تطوير المناهج مثلهم، وكذلك في طريقة التقييم المعاصرة، لكن الفارق في طريقة التنفيذ وإعداد المعلمين والموازنة بين البلدين.
فهناك المعلم يحصل على رخصة مزاولة مهنة كل ثلاث سنوات، بمعنى أدق، أن هذه الرخصة يتم تجديدها كل 3 سنوات حسب العلم الذي وصل إليه المعلم وقدراته ومهاراته، ولا تتعامل فنلندا مع المعلم على أنه موظف حكومي يتم تعيينه للأبد.
وفي فنلندا، أقل معلم في المدرسة يكون حاصلا على درجة الماجستير، والأغلبية من حملة الدكتوراه، حتى أن معلم مادة الأحياء مثلا، يكون من خريجي كلية العلوم أو الطب، ويشترط أن يحصل على سنة كإعداد تربوي في علم النفس وكيفية التعامل مع الطلاب والتعرف على مخرجات التعلم، وبعدها يبدأ عملية التدريس نفسها.
وبالمثل، معلم الرياضيات. فهو إما أن يكون من خريجي الهندسية أو الكمبيوتر ساينس، مثلا، ويشترط أيضا أن يخضع لسنة كتدريب يحصل خلالها على المعلومات التربوية قبل التعامل مع الطلاب رسميا.
فهناك المعلم مثل الطبيب، في درجة الأهمية. لا يجب عليه أبدا أن يتعامل مع الطلاب، قبل أن يخضع لتدريبات مكثفة، لإثبات جدارته، داخل أكبر الجامعات الفنلندنية، ويتدرب على أيدي أكاديميين، وعندما يبدأ التدريس، يخضع لإشراف من المعلمين الأكثر منه خبرة وكفاءة، فلا معلم يتحدث مع طالب بدون تدريب، بعكس مصر.
وفي فنلندا، هناك ثقة مطلقة من الأهالي في المنظومة التعليمية، بمعنى أن ينسى الأب ابنه مع المدرسة، ولا يتدخل في أيّ شيء يخص المناهج أو طريقة التقييم وغيرها، بعكس الحاصل في مصر.
بغض النظر عن إمكانية تفعيل كل ذلك، أو جزء منه. فالعبرة أن وزارة التعليم لديها أهداف طموحة تدرسها، وتفكر في تطبيقها، وتتعرف على أبرز التجارب الدولية الناجحة، ولا تنكفئ على نفسها، وهي الاحترافية التي سبق وتحدث عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي في مناسبات عدّة، وصارت تطبق على أرض الواقع بما يتناسب مع الواقع المصري تعليميًا وفكريًا وثقافيًا، حتى صارت أغلب التخصصات الفنية لها وظائف تنتظر خريجيها، وهو السياسة التي تطبق لأول مرة في تاريخ التعليم المصري.